إجمالي مرات مشاهدة الصفحة


السبت، 7 أغسطس 2010

حينما يغييب المثل ... ويتوه منا الهدف

ياترى حياتنا ورسالتنا هى مجرد رهن لوجود قدوة او مثل او موديل نتبعه اذا غاب غاب معه الهدف والرسالة وتتوه نفسنا منا وفينا ...
ياترى احنا بنعشق ما صنعه هذا المثل ونريده جزء منا .. اما اننا نعشق الكرامة والاسم الذى اقتناه هذا الموديل بعد عناء وعرق واتعب .. بعد مهانة ورفض.. نريد الصيت الحسن والكرامة التى وصلت لها اعمال هذا المثل ام اننا نريد ان نتعلم منه ونتبع قدوته .. لان تعبه وصدقه فى هدفة هو موضوع عشقنا..
ياترى احنا اصبحنا نتبنى لانفسنا الزيف ونرفعه ونعليه.. ام صرنا مرتبكين... ام مربكين بعضا بعضا وغير محرضين على اعمال حسنه انما محرضين على ان نكون مزيفين...

حينما زرت البيت الذى اسسته الام تريزا تأثرت كثيرا بعظمة الفكرة وعمقها .. بصدقها ونقاءها.. حينما رأيت هذه الاجساد النحيلة المتهالكة التى ليس لها من يأويها ... التى انتهكها الشارع نفسيا وجسديا .. التى تخلى عنها الاهل وصارت ثقيلة على كل احد .. فرتبت الام تريزا لهم ان يكون لهم حق فى المأوى .. انحنت نفسى لهم جميعا وشعرت بالاحترام للام تريزا وللرهبات التى اخذن مثالها ... ولكن.....

ولكن بقدر ما احببتهم بالمثل شعرت بالعجز امامهم .... شعرت انى مقهورة .. شعرت ان شهوة العالم والزيف دخل اقداسنا واستعبد الجميع.. فلم تعد مسحة الدم الكريم على جباهنا وايدينا .. انما الزيف والخيلاء والتقليد الاعمى ....

وجدت نفسى اردد فى اعماقى كلمة واحده : "حينما يغيب الموديل يصير كل شىء مزيف"

الجوع والعطش والمرض وعدم النظافة الشخصية ... كل ما هو لا رعاية صحية او جسدية او عاطفية .. كل هذا يأكل منهم اكلا..

لعلهم وهم فى الشارع كانوا اكثر حرية ... هذا ما رأيته .. لكن هم المساكين رغبتهم فى وجود المأوى جعلتهم محتملين مرارة الجوع ...
تجد الراهبات يتحركن امامك .. ولكن يا لاسف هذا فقط فى وجود الناس .. لذلك عليك ان تاتى بموعد سابق وفى وقت محدد لتكون التمثيلية متقنة ولتشاهد بنفسك تعبهن.. لكن تشرق الحقيقة حينما تترد كثيرا وفى اوقات مختلفة ..

احببن الزى الرقيق واحببن سمعه الام تريزا .. لكن ؟؟؟؟!!!!!

تركوا هؤلاء المساكين فى ايدى بنات مقيمات قد يكن عاملات او لهن ظروف خاصة .. هؤلاء البنات ايضا عرفن معنى الجوع .. لكنهن عرفن ايضا كيف يتصرفن.. فامر النزلاء المساكين متروك لهن .. ياخذ اكلهن ويتركهن جوعى ويرعهن بالقسوة...

حضرت وجبه غذاء معهن: نصيب النزيلة صابع محشى باذنجان واحد ومعلقة او معلقة ونصف ارز... وحينما طلبت نزيلة فى العشرينات او الثلاثينات من عمرها تتحرك على قدميها صابع اخر دخل انتهارها كالسيف فى قلبى وقيل لها من البنات ان الاكل كدا مش ها يكفى .. كان فيه شائعة ان فيه محشى ورق عنب بحثت عن واحد لاحدى النزيلات اشتهتها .. بحثت ووجدت ورقة فارغة .. فصمت وصمتت النزيلة فى صبر صامت رقيق جدا...

يقال انهن يخفن عليهن من الاكل عشان الاسهال .. الحقيقة التى لمستها ان الاسهال بيحصل لان الاكل حامض .. لانى بسهولة شميت ريحة الحموضة فى المحشى .. لكن ما باليد حيلة اضطريت ان اقدم واطعم احدى النزيلات المعاقات بنفسى من الحامض .. وماذا تاكل غير ذلك .. وبعد هذه الوجبة هناك الادوية .. الحقيقة هم مهتمين بالادوية لكن .. لكن اتخيل شعورهن وهن ياخذن ادوية على هذا الطعام..
الفطور اسوأ .. والعشاء اسوأ واسوء.. شىء لا يشبع قطة صغيرة ترضع من امها...

اما عن النظافة فمن الممكن ان يصبح هذا المكان وخصوصا فى هذه الحرارة منبع اوبئة... لا نظافة .. لا شخصية ولا عامة... وما تحتاجه الى المرأة من النظافة فى هذا الحر مهما بلغ عمرها .. اشعر انه اهم من الاكل.. لكن ..

لى خمسة ايام لم اذق النوم اريد ان اعرف ماذا افعل لهن؟؟ لو اخذت اكل مش ها ياكلوه ها يأخدوه ياكلوه هم ويسبوهم جائعين والحجج موجودة...
خمسة ايام نهارا وليلا افكر ... ياترى الام تريزا اهتمت بعمل البيوت فقط ولم تفكر فى الكيفية التى تقدم بها هذه الخدمة .. هل هى افكار عظيمة بلا كيفية ولا كفاءه ؟؟
ياترى الام تريزا زى هؤلاء الرهبات كانت صورة جميلة لصاحبة فكرة جميلة .. لا اكثر ولا اقل لكن الكيفية مؤلمة جدا...

وضعت نفسى مكان كل واحدة فيهم ولقيت ان عندى الشارع بكل مخاطرة افضل من هذه الحياة...
حاولت اساعد فى تنظيفهم لكن وجدت نفسى وقت تحت يد الراهبات وانتقداتهن .. فمثلا محاولة جعل مشط لكن واحده كانت فكرة سخيفة منى والحجة انهن بلا عقل...

عايزة اقولكم ان حتى اللى فاقدين الحواس فيهم لكن بيحسوا حتى لو مش عارفين يتكلموا .. وفعلا نفسهم يكون انظف من كدا .. فعلا هن محتملات الجوع والقسوة.. لكن النظافة!!!

اما عن اخر يوم ذهبت.. كانت صدفة غير متوقعة ذهابى.. وجتهن فى حالة من الجوع التى جعلتنى اكره كل سلطان فى هذه الحياة .. شعرت ان لا اريد ان اسمع عن الام تريزا فى هذه اللحظات .. وطفت حولى وجدت الراهبات متألقت ذهبات مجيئات طالعات نازلات .. لان الدير فيه ضيوف ... الضيوف هم اهالى النزيلات اللائ لهن اهل.. وكل واحد او واحده بتاكل مع من لها . ام من ليس لهن احد فكن فى حالة مزرية من الجوع الذى اشعرنى بالمرارة.. لم اعرف كيف اتصرف ...
نزلت لاقرب مخبز لاشترى لهن اى شىء طرى من المخبوزات.. حينما عدت ... اعطيتهن .. واصررت على الا اعطى البات ولا اتكلم مع الراهبات... شعرت البنات بى .. وحينمات اردن ان ياخذ من احد النزيلات ما بيدها .. شعرت فى هذه اللحظة بالجرءة والقوة ونديت عليها لتقفى الى جوارى تأكل لئلا يأخذ احد ما بيدها .. وبالرغم من انها كبيرة سنا وعندها اعاقة عقلية .. الا انها عرفت ان وجودها بجوارى سيضمن لها ان تاكل هذه اللقمة فى امان .. فوقفت الى جوارى لتأكل كطفلة تمسك ساندوتش وتتحرك بجوار ام وهى تأكل
... وذهبن البنات ليشتكين منى للراهبات لانى افسد النزيلات ... وها ييجى لهن اسهال وكمان منهن مريضات سكر... فكم انا غير مطيعة ولا احترم قانون ولا ناموس!!!
حينما جاءت الراهبة .. لم اصمت ولم ادعها تتكلم .. وقلت لها انهن جائعات .. انهن يمتن جوعها سيدتى .. يجب ان يكون البنات تحت حكمك ولا ان تكونى انتى تحت حكمهن...وحينما قالت ان هذا هو العشاء بس كان لازم اقول عشان يعملوا حسبهم.. قلت لها لا هذا ليس العشاء .. انهن مازلن فى احتياج الى شىء لياكلوه

تمنيت ان اتكلم مع الرئيسة لكن .. توصلت ان الراهبات يغطين على البنات .. لان البنات يغطين على الراهبات اهملهن امام الرئيسة...
فالرئيسة غير مدانة ....

انما غاب الهدف لانه لم يكن موجود اصلا .. لم يكن لهن رؤية فى هذا النوع من الرهبنه انما هن تبعن مثل الام تريزا...
عدت الى منزلى وانا افكر.. ياترى ايهما اصدق.. وليم شيكسبير وتشارلز ديكن وتوماس جيفرد . ابراهام لينكولين .. ام الام تريزا؟؟؟؟!!!

تسألت لماذا هؤلاء الاهالى لا ياتين من وقت لاخر لساعدن حتى فى النظافة الشخصية لاخوتهن!!! قسى الزمان على المسكينات وايه قسوة.. المهم ان من الاهالى ناس خدام كنائس وكانوا يتحدثون عن الخدمة .. من اولى بالخدمة .. بولس الرسول بيقول اهل البيت اولى.. وهل لا يوجد اى وصية لسيد الوصايا وسيد الخدمة لا يوجد شىء يحنن قلبى على من هم لى .. باى هويه صرن خدام وقد بخلن على اقرب من هم لهم فى هذا الوضع المزرى....
ومن من كان غاضب على ما يحدث على اخته او خالته او عمته!!!؟؟؟
وقررت الانسحاب وكلى حزن ومرارة ... شعرت مع كل نزيلة حتى من يكبرننى بالكثير .. انهن طفلاتى الصغيرات اللائى يحتمين فى.. وانا تمتعت بايماءات تدل على شعورهن بالامان وهن بين يدى .. هن اعطانى نوع من اللذة والمتعة ... لكن عجزى يجعلنى انسحب...

حزنت كثير بنات يترهبن .. ويفقدن الهدف والهوية .. يتحركن بجمال وورع وخفة .. والقلب والعقل بعيد عن الناصرى النجار المصلوب . لكن رجعت عن حزنى عليهن .. لانهن لو تزوجن وهن بهذه العقلية الضعيفة كانوا مش هايعرفوا يتعاملوا مع ازواجهن ولا اولادهن فكانوا ها يتسببوا فى تعاسة كثيرين...

حزنت جدا حتى الاوروبيات منهن .. تدور فى دائرة فارغة المهم هو ان يراها الزائرين فى مريلة العمل .....

واخيرا ياترى الام تريزا برضه مزيفة ؟؟!!
مش عايزة اعرف الرد .... لانى ارى ان شيكسبير يمكن ان يغير العالم بكتاباته ويعيد العالم الى الفضيلة اكثر من الرهبان والراهبات...اعتقد شيكسبير اكثر فهما لجوهر الكتاب المقدس عن كثير منهم...
كانت الرهبنة فكرة جميلة لما كان فيه صحراء وبرية وانبا انطونيوس.. غاب الانبا انطونيوس .. غابت الرهبنة ... لان دى كانت دعوته...قد تكون فكرتى غير صحيحة لكنها هى الواقع الذى فرض نفسه علينا
عدت الى منزلى ولاول مرة نمت بعد ان قررت انسى هذه التجربة المرة .. واتمنى من ربنا .. هو برحمته يرحم المساكين من ايدى من فقدوا الهوية والهدف.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق